سورة الأنبياء - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{وَجَعَلْنَا السماء سَقْفاً مَّحْفُوظاً} في موضعه عن السقوط كما قال: {وَيُمْسِكُ السماء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [الحج: 65] أو محفوظاً بالشهب عن الشياطين كما قال: {وحفظناها مِن كُلّ شيطان رَّجِيمٍ} [الحجر: 17] {وَهُمْ} أي الكفار {عَنْ ءاياتها} عن الأدلة التي فيها كالشمس والقمر والنجوم {مُّعْرِضُونَ} غير متفكرين فيها فيؤمنون.
{وَهُوَ الذى خَلَقَ اليل} لتسكنوا فيه {والنهار} لتتصرفوا فيه {والشمس} لتكون سراج النهار {والقمر} ليكون سراج الليل {كُلٌّ} التنوين فيه عوض عن المضاف إليه أي كلهم والضمير للشمس والقمر والمراد بهما جنس الطوالع، وجمع جمع العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة {فِى فَلَكٍ} عن ابن عباس رضي الله عنهما: الفلك السماء. والجمهور على أن الفلك موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم و{كل} مبتدأ خبره {يَسْبَحُونَ} يسيرون أي يدورون والجملة في محل النصب على الحال من الشمس والقمر {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الخلد} البقاء الدائم {أفأين مِتَّ} بكسر الميم مدني وكوفي غير أبي بكر {فَهُمُ الخالدون} والفاء الأول لعطف جملة على جملة والثاني لجزاء الشرط، كانوا يقدرون أنه سيموت فنفى الله عنه الشماتة بهذا أي قضي الله أن لا يخلد في الدنيا بشر أفإن مت أنت أيبقى هؤلاء.


{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت وَنَبْلُوكُم} ونختبركم سمي ابتلاء وإن كان عالماً بما سيكون من أعمال العاملين قبل وجودهم لأنه في صورة الاختبار {بالشر} بالفقر والضر {والخير} الغني والنفع {فِتْنَةً} مصدر مؤكد ل {نبلوكم} من غير لفظه {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر والشكر. وعن ابن ذكوان {ترجعون}.
{وَإِذَا رَاكَ الذين كَفَرُواْ إِن يَتَّخِذُونَكَ} ما يتخذونك {إِلاَّ هُزُواً} مفعول ثان ل {يتخذونك} نزلت في أبي جهل مر به النبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال: هذا نبي بني عبد مناف {أهذا الذى يَذْكُرُ} يعيب {ءالِهَتَكُمْ} والذكر يكون بخير وبخلافه فإن كان الذاكر صديقاً فهو ثناء وإن كان عدواً فذم {وَهُمْ بِذِكْرِ الرحمن} أي بذكر الله وما يجب أن يذكر به من الوحدانية {هُمْ كافرون} لا يصدقون به أصلاً فهم أحق أن يتخذوا هزواً منك فإنك محق وهم مبطلون. وقيل: بذكر الرحمن أي بما أنزل عليك من القرآن هم كافرون جاحدون، والجملة في موضع الحال أي يتخذونك هزواً وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهي الكفر بالله تعالى، وكرر {هُمْ} للتأكيد، أو لأن الصلة حالت بينه وبين الخبر فأعيد المبتدأ {خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ} فسر بالجنس. وقيل: نزلت حين كان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب. والعجل والعجلة مصدران، وهو تقديم الشيء على وقته، والظاهر أن المراد الجنس وأنه ركب فيه العجلة فكأنه خلق من العجل ولأنه يكثر منه، والعرب تقول لمن يكثر منه الكرم (خلق من الكرم) فقدم أولاً ذم الإنسان على إفراط العجلة وأنه مطبوع عليها ثم منعه وزجره كأنه قال: ليس ببدع منه أن يستعجل فإنه مجبول على ذلك وهو طبعه وسجيته فقد ركب فيه. وقيل: العجل الطين بلغه حمير قال شاعرهم:
والنخل ينبت بين الماء والعجل ***
وإنما منع عن الاستعجال وهو مطبوع عليه كما أمره بقمع الشهوة وقد ركبها فيه، لأنه أعطاه القوة التي يستطيع بها قمع الشهوة وترك العجلة و{من عجل} حال أي عجلاً {سأوريكم آياتي} نقماتي {فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} بالإتيان بها وهو بالياء عند يعقوب وافقه سهل وعياش في الوصل.


{وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} إتيان العذاب أو القيامة {إِن كُنتُمْ صادقين} قيل: هو أحد وجهي استعجالهم {لَوْ يَعْلَمُ الذين كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} جواب {لو} محذوف و{حين} مفعول به ل {يعلم} أي لو يعلمون الوقت الذي يستعجلونه بقولهم {متى هذا الوعد} وهو وقت تحيط بهم فيه النار من وراء وقدام فلا يقدرون على دفعها ومنعها من أنفسهم ولا يجدون ناصراً ينصرهم لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال ولكن جهلهم به هو الذي هونه عندهم {بَلْ تَأْتِيهِم} الساعة {بَغْتَةً} فجأة {فَتَبْهَتُهُمْ} فتحيرهم أي لا يكفونها بل تفجأهم فتغلبهم {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} فلا يقدرون على دفعها {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} يمهلون {وَلَقَدِ استهزئ بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ فَحَاقَ} فحل ونزل {بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ} جزاء {مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} سلي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزائهم به بأن له في الأنبياء أسوة وأن ما يفعلونه به يحيق بهم كما حاق بالمستهزئين بالأنبياء ما فعلوا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8